غزوة أحد :
إن غزوة السويق - كما عرفنا - لم تجد على قريش شيئاً، وأنى لها أن تجدي؟!
لذلك بقيت قريش تجتر أحقادها على المسلمين، وتتذكر كما أصابها في بدر، وقد أذكت هذه الأحقاد، والهبت هذه الذكريات أمور منها إخفاقها في غزوة السويق،
واستياق زيد بن حارثة عيرهم في غزوة القردة ، وقد سلفت الإشارة إليها، زد على ذلك تحريض كعب بن الأشرف المرابي اليهودي لهم وبكاؤه قتلاهم[16]، وقد اجتمع في أنفسهم من هذه الأسباب ما حفزهم إلى غزو المدينة، فاستفرغوا وسعهم في حشد جيش قوامه ثلاثة آلاف، منهم ومن أحابيشهم، ومن أطاعهم من قبائل كنانة، وأهل تهامة[17] ثم قصدوا المدينة وكانت بينهم وبين المسلمين معركة أحد المشهورة، غير أن عاقبتها كانت بالنسبة لقريش - كما قلنا آنفاً - إخفاقاً عسكريا، أو كانت على أحسن تقدير نصراً جزئياً بين هزيمتين وسيأتي الكلام مستوفى - إن شاء الله - في هذه الغزوة في حينه.
وهكذا نرى أن آثار معركة بدر بقيت عالقة بكيان قريش دون أن تستطيع إزالتها، بالرغم من محاولتها الجادة وهيهات أن يستطيع الإنسان دفع شيء أنزله الله به ومن يهن الله فما له من مكرم.
ثانياً: آثار بدر في المدينة.
كان سكان المدينة المنورة لما جرت معركة بدر أربع طوائف هي: المسلمون، والمشركون والمنافقون، واليهود، واختلف وقع نتائج هذه المعركة الحاسمة باختلاف هذه الطوائف.